تعرف على الرهن العقاري الإسلامي وشروطه

الرهن العقاري الإسلامي

لا بد أن الكثيرين منا سمع بمصطلح الرهن العقاري أو حتى كان طرفًا في هذه المعاملة خاصةً إذا كان قد اشترى منزلًا أو عقارًا ما ولم يكن لديه ما يكفي لدفع ثمن العقار بالكامل. بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، شكل موضوع الرهن العقاري محل نقاش وربما خلاف في كثير من الأحيان. حيث أن هناك من حلله وأشار إليه بمصطلح الرهن العقاري الإسلامي، ومن هناك من حذر من التعامل مع مع هذا النوع من المعاملات المالية.

في هذا البحث سوف نتعرف أكثر على الرهن العقاري والرهن العقاري الإسلامي ونكتشف فيما إذا كان هذا النوع من المعاملات المالية حلال أو حرام.

ما هو الرهن العقاري الإسلامي؟

أولًا الرهن العقاري بشكل عام هو الاتفاق الذي يتم بينك وبين المُقرض لتسليفك كمية من المال بهدف إنهاء معاملتك المالية لشراء منزل أو لاقتراض أموال مقابل قيمة منزل تملكه بالفعل. سوف يتعين عليك سداد هذه الأموال على شكل أقساط بالإضافة إلى الفائدة التي يفرضها المُقرض. في هذه الحالة يكون للمُقرض الحق في الحصول على ممتلكاتك إذا فشلت في سداد الدفعات والأموال التي اقترضتها بالإضافة إلى الفائدة.

مصطلح الرهن العقاري

الرهن العقاري هو قرض يُمَكّن المقترض سواءً كان فرداً أو مؤسسة من أن يقترض نقوداً ليشتري منزلاً أو أي عقار آخر، وتكون ملكيته لهذا العقار ضماناً للقرض، أي أنه في حال عجزه عن سداد القرض فإن من حق المُقرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتملكه لهذا العقار، وبصورة أخرى فإن العقار يبقى مرهوناً حتى يتم سداد القرض ولذلك يسمى المُقرض مرتهنا، ويسمى المُقرض راهنا.

الاختلافات الرئيسية

يوجد اختلاف كبير بين الرهن العقاري الذي تقدمه البنوك التي تفرض الفوائد الربوية وبين الرهن العقاري الإسلامي. حيث أن التعامل بالفوائد الربوية التي تقدمها البنوك العادية تم تحريمها وفق قوانين الشريعة الإسلامية. في حين أن الرهن العقاري الإسلامي اختلفت الفتاوى في الحكم عليه من الناحية الشرعية، حيث يوجد من أجاز بالتعامل فيه وفق للفتاوى المعاصرة.

الاختلاف الكبير بين الرهن العقاري الربوي والرهن العقاري الإسلامي هو الفائدة الربوية التي تفرضها البنوك على الشخص المتأخر في سداد الدفعات المترتبة عليه للبنك، حيث أن التأخير في سداد هذه الدفعات يترتب عليه غرامات مالية يفرضها البنك (المُقرض) على الشخص (المُقترض) وهذه الغرامات هي الربا. وهذه الربا مخالفة لتعاليم الشريعة الإسلامية.

معاملات الرهن العقاري الإسلامي

الرهون العقارية الإسلامية تقوم على معاملتين أساسيتين هما (الإيجار والاقتناء) و(المرابحة)، وحتى أن العلماء والفتاوى المعاصرة اختلفت في جواز أو تحريم هذه المعاملات.

1-      الإيجار والاقتناء

عقد الإجارة سينتهي بتملك المستأجر ما كان استأجره. أي أن يقوم بالبنك بشراء العقار ويحتفظ بملكيته، وفي نفس الوقت يقوم المُشتري بتسديد الدفعات. عند إكتمال جميع الدفعات المُستحقة، يحصل المُشتري على ملكية العقار بشكل كامل.

2-      المرابحة

أن يقوم البنك أو المُقرض بشراء العقار ثم يبيعه إلى المشتري بربح ثابت. يتم تسجيل العقار من البداية باسم (المشتري)، ويقوم المشتري بسداد المبلغ على شكل أقساط إلى البنك (المُقرض). يتم في هذا النوع من الرهن العقاري الإسلامي، تحديد جميع التكاليف عند توقيع العقد بموافقة الطرفين، وهذا ما يمنع فرض أي عقوبات أو رسوم من قبل المُقرض على المشتري. لكن عادةً ما تقوم البنوك في هذه الحالة بطلب ضمانات أو دفعة أولى كبيرة من أجل حماية نفسها من التخلف عن السداد من قبل المُشتري.

شروط المرابحة

بالنسبة للمرابحة في الرهون العقارية الإسلامية تعتبر معاملة حرام وغير شرعية إذا لم تُطبق الشرطين التاليين:

الأول: أن يمتلك البنك هذا العقار قبل أن يبيعه، حيث يجب أن يشتري البنك هذا العقار من صاحبه لنفسه .

الثاني: أن يحوزه بوضع اليد وأن يكون له حرية التصرف فيه.

وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة .

الرهن العقاري في وقتنا الحالي

لا بد من الإشارة هنا إلى أمر هام وواقع في وقتنا الحالي. المسلمون يجدون أنفسهم مضطرين لشراء وتملك عقار أو منزل من أجل ضمان استقرار العائلة. منهم من يتجه بشكل صريح إلى البنوك الربوية ويشتروا منزلًا من خلال الرهن العقاري ويتعاملون بالربا الذي تفرضه هذه البنوك.

ومنهم من يتجه إلى البنوك الإسلامية لشراء المنزل من خلال الرهون العقارية الإسلامية التي تقوم على مبدأي (الإيجار والاقتناء) و(المرابحة)، لإنهم يعتقدون أن هاتين المعاملتين مباحتين.

المعارضين للرهن العقاري

في حين أن فريق ثالث من المسلمين لا يحلل هذه المعاملات المالية بغض النظر عن طريقتها، وفي نفس الوقت لا يملك المال الكافي لشراء العقار، فيصبر حتى يغنيه الله وحتى يجد طريقة شرعية مُحللة لشراء العقار.

بالطبع نحن لا ننكر على من لا يرى صحة هذه المعاملات التي تقوم على التمويل العقاري الإسلامي، وإنما نحن كسائر أهلم العلم الذين ينكرون من فعل ذلك وهو يعتقد بتحريمها.

شروط الرهن العقاري الحلال

الرهن العقاري الحلال في الإسلام هو وثيقة تضمن حفظ الدَين على الراهن. قال الله عز وجل في القرآن الكريم:

}وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ{ [البقرة:283]

وفقًا للشريعة الإسلامية ووفقًا لهذه الآية الكريمة، فإن الرهن العقاري الإسلامي هو مال يتم وضعه عند صاحب الدَين، ويلتزم المُقترض بدفع هذا الدَين. وإذا تأخر المُقترض عن سداد هذا الدَين، قام صاحب الدين ببيع هذا الرهن ويستوفي منه حقه إما بالتراضي أو من خلال المحاكم.

شروط واجب توافرها

أي هناك مجموعة من الشروط التي ينبغي توافرها في الرهن العقاري الحلال وفقًا لأحكام القوانين الفقهية والشريعة الإسلامية.

  • قبول صيغة العقد من قبل الطرفين (المُقرض) و(المُقترض) وإثبات الدلالة على الموافقة بشكل صريح.
  • أن تكون السلعة محل الرهان والتي غالبًا ما تكون (العقار)، مملوكة بالكامل للمدين.
  • يجب أن يكون مبلغ الرهن العقاري الإسلامي واضحًا ومُحددًا ومعلوم عند بداية العقد، وليس مؤجل الدفع بأي شكل من الأشكال.
  • يشترط أن يكون المتعاقدان (أطراف التعاقد)، عاقلان وبالغان.
  • أن لا يترتب على التأخر في السداد من قبل (المُقترض) غرامات أو فوائد لإن ذلك يندرج في فئة الربا المُحرمة.
  • أن تنتقل ملكية العقار (موضوع الرهن العقاري) إلى المُقترض بعد إتمام سداد الدفعات المُستحقة وبعد إنتهاء مدة عقد الرهن.

هل الرهن العقاري الشرعي حلال؟

وفق ما ورد في الفتاوى المعاصرة حول الرهون العقارية الإسلامية، أن الرهن جائز عمومًا وفق ما جاء في الكتاب والسنة، وهو ليس واجبًا أو فرضًا. أي ولا يُفترض (المُقترض) مبلغ الرهن من الدائن (المُقرض) مقابل العقار.

الرهن العقاري في الإسلام هو وثيقة تضمن حق الدائن وهي تذكير للمُقترض بإن عليه الوفاء بالدَين ورد الحق إلى أصحابه. وأي مخالفة أو تأخر في هذا البند، يحق للدائن التصرف في الدين كإعادة العقار إلى ملكيته أو إنهاء العقد موضوع الدين بالتراضي أو عبر المحاكم.

من أحكام الرهن العقاري الشرعي في الإسلام أن يُسهل المعاملات التجارية والمالية على الناس، خاصةً فيما يتعلق بمسائل السكن والاستقرار العائلي. لذلك، يتطلب إنجاز هذه المعاملات بسهولة وسرعة.

الرهن العقاري في الإسلام

التمويل العقاري الإسلامي الذي يقوم على مبدأ الرهن الشرعي جائز في الإسلام ولا حرج فيه. لكن ينبغي للمسلم العاقل أن يتبين من شروط وصحة عقد الرهن العقاري، ولا بد للمُقرض أن يراعي الظروف التي دفعت الشخص المسلم إلى رهن عقاره مقابل الحصول على مبلغ الدين.

السبب وراء اعتقاد الكثيرين من العلماء المسلمين حتى في الفتاوى الفقهية المعاصرة، إلى اعتبار أن الرهن العقاري حلال في الإسلام، هو أنه تعاقد يقوم على الشراكة ولا يُنظر إليه على أنه قرض قائمة على الفائدة والربا المُحرمة. لذلك، ولإنه أصبح من السهل الحصول على قرض عقاري إسلامي، لا بد من عدم التفكير في الحصول على القرض أو التمويل العقاري العادي الذي تقدمه البنوك الربوية التي تقوم على مبدأ الفائدة في تعاملاتها المالية.

إيجابيات التمويل العقاري الإسلامي

  • تجنب دفع الفوائد الربوية.
  • وسيلة شرعية وحلال لشراء العقارات.
  • تعاقد طويل المدى، مريح وآمن للمُقترض.
  • إمكانية بيع العقار في أي وقت بشرط سداد كامل مبلغ القرض.

من خلال البنوك الإسلامية يمكنك شراء المنزل دون الحصول على القرض الربوي. حيث أنه من خلال طريقة (الإيجار والاقتناء)، يمكنك شراء العقار عبر مبدأ الشراكة مع البنك الإسلامي ودفع الإيجار بشكل شهري إلى البنك (دون أن تمتلك العقار حتى الآن). مع مرور الوقت أنت تزيد حصتك في ملكية العقار حتى تصبح مالكًا للعقار عند انتهاء فترة الشراكة وسداد كامل دفعات مبلغ الإيجار.

مبدأ المشاركة

الرهن العقاري الإسلامي للمنزل عبر مبدأ المشاركة هو شراكة تجارية بينك وبين البنك. لنفترض أنك تشتري منزلًا بقيمة 100 ألف ريال سعودي وتشتري 20٪ من المنزل مقابل 20 ألف ريال. يمتلك البنك حاليًا 80٪ من المنزل وسيفرض عليك إيجارًا مقابل استخدام 80٪. مع مرور الوقت، يمكنك إعادة شراء المزيد من المنزل عبر سداد دفعات الإيجار مما يؤدي إلى تخفيض مدفوعات الإيجار حتى تمتلك المنزل بالكامل في النهاية.

الخلاصة حول الرهن العقاري الإسلامي

لا ينبغي لك الحصول على رهن عقاري تقليدي فقط لإنك ترغب بالاستقرار في منزل وبالتالي أن تقبل القيام بذلك عن البنوك العادية التي ستفرض عليك فوائد ربوية على طول الطريق.

إذا كنت ترغب بالفعل بشراء منزل وفي نفس الوقت الابتعاد عن الربا والفوائد التي تفرضها البنوك العادية، فعليك بالتمويل العقاري الإسلامي الذي يضمن لك عدم مخالفة تعاليم الشريعة الإسلامية.

أنواع التمويل العقاري الإسلامي التي توفرها البنوك الإسلامية، أصبحت من أكثر القرارات المالية المنطقية التي يقوم بها المسلمون في جميع أنحاء العالم عندما يتم الحديث عن موضوع الرهن العقاري. حيث أنه يعتبر استثمار آمن وطويل المدى، حيث أنك تكون قد استثمرت بالفعل في منزلك وحققت عائدًا منه إذا قمت بتأجيره خلال فترة الرهن العقاري الإسلامي.