Mobile Navigation Menu
ابدأ التداول

الأسهم المختلطة: هل يجوز الاستثمار فيها؟

مع تزايد اهتمام المسلمين بالاستثمار في الأسواق المالية العالمية، أصبحت مسألة الأسهم المختلطة من أبرز القضايا المثيرة للجدل بين الفقهاء والمستثمرين. فبينما يسعى الكثير من المسلمين لتحقيق عوائد مالية من خلال الأسهم، يظهر سؤال شرعي جوهري: هل يجوز الاستثمار في الأسهم المختلطة؟ وما المقصود بها؟

في هذه المقالة المفصلة، سنسلط الضوء على مفهوم الأسهم المختلطة، الفرق بينها وبين الأسهم المباحة والمحرّمة، موقف الفقه الإسلامي منها، وآراء الهيئات الشرعية المختلفة، بالإضافة إلى المعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار الاستثمار في هذا النوع من الأسهم.

ما المقصود بالأسهم المختلطة؟

الأسهم المختلطة هي أسهم تصدرها شركات يكون نشاطها الأساسي مباحًا شرعًا، لكنها تتعامل بجزء من معاملاتها بطريقة غير شرعية، مثل:

  • الاحتفاظ بودائع ربوية في البنوك التقليدية.

  • الاقتراض بفوائد من مؤسسات مالية.

  • تحقيق دخل بسيط من مصادر غير مشروعة مثل بيع السجائر أو التأمين التجاري.

بمعنى آخر، هي شركات لا تعمل في أنشطة محرّمة بشكل مباشر، ولكن لديها أنشطة مالية غير منضبطة شرعيًا إلى حد معين.

الفرق بين الأسهم المباحة، المختلطة، والمحرّمة

لفهم المسألة بوضوح، يجب التمييز بين أنواع الأسهم الثلاثة:

النوع التعريف الحكم الشرعي
الأسهم المباحة شركات تعمل في نشاط حلال بالكامل ولا تتعامل بالفوائد الربوية أو الاستثمارات المحرّمة جائزة شرعًا دون خلاف
الأسهم المختلطة شركات نشاطها الأساسي حلال،
لكنها تحتوي على معاملات مالية غير شرعية بنسبة محدودة
محل خلاف بين العلماء
الأسهم المحرّمة شركات تعمل في أنشطة محرّمة كالخمر، القمار، البنوك الربوية، التبغ، المواد الإباحية... محرّمة شرعًا بالإجماع

موقف الفقه الإسلامي من الأسهم المختلطة

الرأي الأول: عدم الجواز المطلق

يرى بعض العلماء أن الاستثمار في الأسهم المختلطة غير جائز شرعًا، لأن المال المملوك في هذه الشركات يكون مختلطًا بالحرام، ولو بنسبة بسيطة. ويستند هذا الرأي إلى قاعدة:

"ما بُني على الحرام فهو حرام".

كما يعتبر هذا الفريق أن دعم هذه الشركات هو نوع من الإعانة على الإثم.

الرأي الثاني: الجواز بشروط وتطهير الأرباح

الرأي الثاني، وهو الأكثر انتشارًا بين الهيئات الشرعية المعاصرة، يرى أن الاستثمار في الأسهم المختلطة جائز بشرطين أساسيين:

  1. أن تكون نسبة الأنشطة المحرّمة ضئيلة جدًا ولا تؤثر على طبيعة الشركة.

  2. أن يتم تطهير الأرباح المحرّمة (أي التخلّص من النسبة الناتجة عن مصادر غير شرعية).

هذا الرأي يستند إلى قاعدة فقهية أخرى:

"يعفى عن اليسير من الحرام إذا تعذّر التحرز منه".

وتعمل العديد من المؤشرات المالية الإسلامية على تطبيق هذا الرأي، مثل مؤشرات "داو جونز الإسلامية"، و"FTSE Shariah".

ما هو تطهير الأرباح؟

تطهير الأرباح هو التخلّص من الجزء من الأرباح الذي نتج عن مصدر غير شرعي، من خلال التبرع به لأعمال خيرية دون نية التقرّب، بل تنقية للمال فقط.
ويتم احتساب النسبة بناءً على التقارير المالية للشركة، حيث يتم تحديد نسبة الفوائد البنكية أو العائدات المحظورة، وتُخصم من الأرباح النهائية للمستثمر.

مثال:
إذا كانت أرباحك من سهم معين 1,000 دولار،

وتبيّن أن 3% منها ناتجة عن معاملات ربوية، فيجب عليك التخلّص من 30 دولارًا من هذه الأرباح.

المعايير الشرعية لتحديد مدى جواز الأسهم المختلطة

اعتمدت الهيئات الشرعية مجموعة من المعايير المالية لتقييم مدى "نقاء" السهم شرعيًا، أبرزها:

  1. نسبة الدين الربوي إلى إجمالي الأصول أو القيمة السوقية

    • يجب ألا تتجاوز نسبة 33% وفقًا لمعايير AAOIFI.

  2. نسبة الإيرادات غير المشروعة إلى إجمالي الإيرادات

    • يجب أن تكون أقل من 5%.

  3. نسبة الأصول غير الملموسة والمشتقات المالية المحرّمة

    • يجب ألا تكون هي السائدة في أصول الشركة.

في حال تجاوز أي من هذه النسب، يُعد السهم غير متوافق مع الشريعة.

هل يوجد فلاتر إلكترونية للأسهم الشرعية؟

نعم، توجد أدوات ومنصات إلكترونية تساعد المستثمرين المسلمين على اختيار الأسهم المتوافقة مع الشريعة، منها:

  • Zoya

  • Finbox Islamic Filter

  • IdealRatings

  • Dow Jones Islamic Market Index

  • MSCI Islamic Index

تقدم هذه المنصات تصنيفات دقيقة للأسهم حسب التوافق الشرعي، مع نسب تطهير مقترحة وتفاصيل عن كل شركة.

نصائح للمستثمر المسلم قبل شراء أسهم مختلطة

  1. تحرَّى دائمًا عن نشاط الشركة ومصادر دخلها.

  2. استخدم أدوات تصفية الأسهم الإسلامية المعتمدة.

  3. استشر مختصًا في فقه المعاملات المالية إذا التبس عليك الأمر.

  4. قم بتطهير أرباحك دوريًا حسب النسب المعلنة في التقارير الشرعية.

  5. حاول اختيار الأسهم النقية (المباحة) كلما أمكن.

خاتمة

الاستثمار في الأسهم المختلطة من المسائل التي تتطلب وعيًا شرعيًا وماليًا متكاملًا. فبينما يرى بعض العلماء تحريمه لما فيه من اختلاط بالحرام، يُجيزه آخرون ضمن شروط صارمة وتطهير دوري للأرباح. وفي النهاية، تقع المسؤولية على عاتق المستثمر في التحقق من طبيعة الشركة، ومراجعة التقارير المالية، والحرص على الالتزام بالأحكام الشرعية.

في عالم الاستثمار، لا يكفي أن تسعى للربح فقط، بل يجب أن يكون ربحك حلالًا ونظيفًا من كل شبهة. وهذا ما يجعل الوعي بالأسهم المختلطة وفهم أحكامها ضرورة ملحّة لكل مستثمر مسلم.

مقالات ذات صلة

تعليقات المستخدمين

لم يتم العثور على أي تعليق لهذه المقالة